الثلاثاء، 4 مارس 2008

سلطان الغرام

لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أنني سأكون مستودعا للأسرار أو محلا لثقة الأصدقاء الأخيار ولم يعرف الكثير منهم ولا أنا لماذا أباحوا لي بمكنون صدروهم من هموم جاثية على قلوبهم إلا أنه لا يجمعنا سوى الثقة و الألفة والتآخي كما أنني أنصت جيدا و استمع بكل جوارحي واعتقد هذا هو ما أهلني لحمل تلك المسؤولية و قد رأيت أن أتناول همسات الأصدقاء و أعيد صياغتها في قصص قصيرة أو خواطر نثرية مع مراعاة أسماء الأبطال الحقيقيين لتلك التجارب لعلنا نرى الواقع بصورة أوضح و بوعي أرحب نستخلص العبر من تجارب الآخرين
و في هذه الأقصوصة المقتضبة الأحداث شبه الواقعية و التي عالجتها بتصرف
نبدأ معا

شريف شاب في مقتبل العمر يجمع عليه الجميع بصفات حسنة يتمتع بدماثة الخلق و الثقافة و الكرم و الهدوء و الذكاء الحاد و كأنه يعرف طريقه جيدا في الحياة فهو بإيجاز سهل هين لين قريب من الناس لا يألو جهدا في مساعدة الآخرين مما ساعده على اكتساب قلوبهم و حبهم له
يعمل صاحبنا في مجال البرمجيات بطموح و باجتهاد منقطع النظير بين أقرانه و قد نال إعجاب الكثيرين من الزملاء و المدراء في الشركة التي يعمل بها ساعده ذلك نظرا لأنه يتمتع بصفات شكلية مميزة و عقلية عملية ممتازة فضلا عن بره لوالديه اللذان بلغا من العمر أرذله و حظي من والديه الدعاء الكثير قال عن نفسه أن هذا الدعاء هو سبب ما فيه من خير وفير و نعم لم يكن يحلم بها بالإضافة إلى حب الناس و كالعادة دائما و أبدا واجه شريف في عمله كعادة الناجحين دائما من يطعنونه في ظهره و يمارسون الخيانة أبا عن جد و قد حاربهم بفضل من الله و نجح في تخطيهم كعادته بأفكاره اللامعة و علمه و ثقافته

و في يوم من أيام العمل المعتادة كان على موعد مع القدر و بينما هو عند مكتب مدير الشركة وقع بصره على هالة فتاة توحي ملامحها بالذكاء و بالأصالة و الوداعة و الثقة بالنفس ملامحها مائلة مميزة و بشرتها برونزية واضحة تنبأ عن قوة الشخصية يبدو أنها كانت في انتظار مدير الشركة كما يبدو أنها ستكون زميلة جديدة في العمل لفتت انتباه شريف فحاول أن يتكلم معها لكنها لم تلتفت كثيرا له و لم تعيره اهتماما سوى نظرة واحدة أحس منها أن عينيها الواسعة بحر متلاطم يحتاج إلى مغامر أو بحار ماهر ليبحر فيهما يستكشف مكنونهما و استشعر أن المستقبل معها في العمل سيكون بين مد و جذب و لم يكن يدري أن عقله فقط تعلق بهذه الفتاة و لكن ما زال قلبه لا ينبض لها كما لم ينبض لغيرها بالرغم من أن الكثير من الفتيات يكنون له كل إعجاب و تقدير ولو حاول الاختيار من بينهن أو فكر فيهن لاحتار فيمن يختار لكن استطاع شريف في نهاية الأمر أن يتعرف على تلك الفتاة التي شغلت عقله لكن لم تحرك في قلبه ساكنا نظرا لملامحها القوية التي تخفي ورائها إما قلبا وديعا رقيقا أو قلبا مثخنا بالجراح أو قلبا قاسيا تساؤل ظل يبحث له عن إجابة و يطارده

لم يشعر شريف مع هالة أبدا بالارتياح مع أنه حاول أكثر من مرة أن يستكشف تلك الفتاة التي شغلت عقله فاستطاع التقرب منها و أن يلمس أوتار قلبها لكنها كانت مغرورة أو أنها كانت ترى الحياة بمنظار آخر فبمرور لفقد شعرت أن شريف إنسان ساحر يمتلك من المهارات الفكرية و الثقافية الكثير و التي يستطيع بها أن يجذب بنات كثر لذا لم تستسلم له هالة عندا فقط و حبست مشاعرها في قمقم و ألقت بها في بحر عينيها التي ظل شريف يبحث عنها متشبثا بأمل أن يجده في يوم من الأيام

ومرت أيام العمل و يزداد شريف تألقا و إبداعا و تمردا على قيود الفكر و قد واجه بعض من فترات التعثر و التصادم مع إدارة الشركة في أحيان ليست كثيرة لكن بعقله كان مدركا و واعيا لما يحاك من وراء ظهره و كأن دعاء و الديه له سلاحه الذي يرد به في نحور حاقديه

نعود لهالة التي كانت على موعد مع قدرها الآخر فالبرغم من تودد شريف لها و تعامله معها بكل حب و تقدير إلا أنه خاف من أن تصدمه أو تكسر بداخله شئ لم يولد بعد فكان ذكيا مدركا وواعيا لأبعاد نفسه و حياته و و علاقاته و يعرف ماذا يريد جيدا لكن كل ما هنالك أن جذبت هالة انتباهه و عقله ولم تستطع اجتذاب قلبه و هناك من فسر ذلك تفسيرا غريبا إلى حد ما و هو أن اهتمام شريف بهالة لم يكن اهتماما لها شخصيا إنما كان اهتماما ناتجا من تجاهلها له و قد ظل ذلك لغزا بالنسبة له يحيره إلى أن عرف السبب و كانت المفاجأة

زميل العمل

كان لشريف زميلا بالشركة أيضا اسمه "خالد" لم يكن يمتلك ربع صفات شريف المعروفة للجميع بل بالعكس لم يكن محبوبا من الزملاء نظرا لخداعه و كذبه و تصنعه في كثير من المواقف و أنانيته الواضحة في الحياة و في العمل لكن كان هناك سرا بينه و بين هالة اكتشفه شريف أو استنتجه من عدة مواقف من خلالها اتضحت الصورة و اتضح معها السؤال الذي كان يحيره وهو لماذا لم يستطع أن يجذبها له مع العلم أنها كان يفكر في الارتباط بها رسميا فلماذا عانده القدر في أمر تلك الفتاة ولماذا أعجبت بزميله خالد كما لاحظ من تصرفاتها و نظراتها له؟ ما الذي شدها إليه ؟ و هو لا يمتلك ربع ما يمتلكه من صفات فإذا كان الإعجاب لسبب فما هو هذا السبب ؟ فلو كان حبا لقلنا معها حق فالمشاعر من الصعوبة بمكان أن تتحكم فيها أو توجهها لكنه بدا إعجابا فما السر ؟

كان لخالد زميله في العمل تدعى منى كانت قريبة منه إلى حد ما تتجاذب أطراف الحديث معه و في أحد أيام العمل كانت منى تعمل في قسم آخر بالشركة فتوجه إليها خالد كالمعتاد و تكلم معها في أمور شخصية و عائلية و اجتماعية بالرغم من أن منى متزوجة و لديها أولاد من هنا بدأت الصورة تتضح معالمها رويدا رويدا عندما نعرف أن هناك بالطبع زمالة عمل أو صداقة بين منى و هالة و يبدو أن منى لم يعجبها حال هالة و بقائها بدون ارتباط بأحد الشباب في الشركة و كانت علاقة منى بشريف ضعيفة بعكس علاقتها بخالد فقامت على الفور بالتوجه لخالد في أحد الأيام و أثناء الحديث المعتاد عرضت مني عليه فكرة الارتباط بهالة و لم تكن تعرف أنها ستندم أشد الندم أن تبرعت بهذه المهمة ولا أحد يعرف إذا كانت هالة على علم بما حدث أم لا؟ لكن شريف كان يشعر أن هناك نظرات غير طبيعية بين جانب هالة تجاه خالد مع أن الأخير لا يأبه لتلك النظرات و من ثم كان طبيعيا أن يرفض الارتباط بهالة تماما و تضايق كثيرا من منى عندما عرضت عليه ذلك و من تلك اللحظة وهنت علاقة منى بحسين و أصبحت مجرد زمالة فقط لا غير

كل تلك الأحداث لم يكن على علم بها شريف إلى أن طلب خالد من شريف طلبا ليس بغريب على مسامع شريف و هو أنه يريد أن يتكلم معه في موضوع مهم و يأخذ رأيه فيه فوافق شريف على الفور كالمعتاد مع كل زملائه و انطلق الاثنان في نزهة خلوية و بدأ خالد يلف و يدور حول موضوع عام و حول العمل و الشركة و الإدارة و كل ذلك لم يقتنع به شريف وانتظر أن يتكلم خالد فقد عرف أن ذلك نوعا من أنواع التمهيد و التقديم للموضوع الأهم ألا و هو عرض منى له للارتباط من هالة و أنه لم يوافق نظرا لأنه يريد فتاة جميلة و لم تكن هالة بالنسبة له سوى بنت عادية بل متوسطة الجمال فلم يأبه لها كثيرا لكنه عندما علم أن هناك من يعرض عليه أن يخطبها ولاحظ نظراتها له ازداد خالد غرورا و تعاليا على هالة كثيرا . . و كانت المأساة
فما أن علم شريف بتلك القصة الفاشلة و التعقد العاطفي بها شعر أنه ليس في مكانه المناسب و أن اختياره لم يكن موفقا فنأى بنفسه عن تلك الإشكالية و هو حزين ليس على حسين إنما على هالة التي توهمت بارتباطها بخالد و لا تعرف أنه لا يأبه لها و لا يعيرها نظرة اهتمام واحدة من هنا كانت المشاعر متضاربة لدي شريف هل يقسو على هالة لأنها وقعت في دائرة الوهم بنفسها أم على خالد الذي ازداد غرورا و صلفا معها و هل هي تستحق ذلك أم لا ؟
ومما يثير الدهشة أن خالد ارتبط بفتاة أخرى و عقد العزم على الزواج سريعا و مع ذلك ما زالت هالة تشعر بميل تجاهه من هنا أيقن شريف أن هالة تستحق النظرة التي ينظر بها إليها حسين و علم أن ما هي فيه إنما هو سلطان الغرام الذي لا تستطيع أن تنفك أو تفر منه

ماذا تفعل لو كنت مكان شريف ؟
و ماذا ستفعلين لو كنت مكان هالة؟

هناك 3 تعليقات:

gnnya يقول...

هاله مثل اى بنت تريد الارتباط بزوج واقامه حياه سعيده لكن نظرتها كانت سطحيه خالد لفت نظرها بحركاته ومحاوله ظهوره ولفت انتباه البنات له واعجابهم به ليس اكثر ولكن مجرد شعوره بان هناك فتاه تميل له وتطلب منه ارتباط رسمى يهرب بسرعهواعتقد انه انسان مادي وسطحى اما شريف فهو انسان رومنسى للغايه فهو يحب هدى لكن كبريائه يمنعه من ان يقول هذا واضح دا من كلامه لانها تحب انسان اخر فهو محرج ان يقول انه يحبها او يميل لها لكن شريف مش محطوط فى موقف بايخ ولا حاجه بعد ماخالد عرض عليه الزواج من هاله واوضح له انه رفضها عادى جدا اضيع انسانه كويسه من ايدى ليه وبعدين شريف يحاول يخلى هاله تشوفه يقرب منها وفى اعتقادى ان هاله مبتحبش خالد لكن هيا كانت نفسها تستقر وهو اللى كان ظلهر انامها اكتر من شريف لان شريف عندو كرامه مبيحولش يفرد نفسو على بنت لما يلقيها متجهه اتخاه اخر على العموم شريف يحاول يقرب بلطف وود لهاله لو هى الانسانه اللى تسصلح تكون زوجه وام لاولاده ويقرب منها يمكن يكتشف فيها عيوب تخلى قلبه يشيل منها ويقتنع انها متنفعوش وشكرا
gnnya

tharwat يقول...

أهلا بعفريته المدونة
شريف لم يحب هالة يوما لأنها لم تعامله كما أراد و شعر أنه ليس محط إعجابها من البداية لكن شغلت عقله لماذا لم تعامله بلطف هل لأنه لا يستحق أم أنها لا تري الإنسان الجيد من الإنسان السيء بالرغم من تعاملها اللطيف مع خالد هل لأنها علمت أن خالد كان في يوم من الأيام سيخطبها مع أنه العكس فهو لم يفكر يوما في الارتباط بها
ثم ألا توجد كرامة لهالة؟؟؟
ثم أن شريف إنسان لم يفرض نفسه في البداية فهل سيفرض نفسه في النهاية اعتقد أن كرامته لا تسمح بذلك كما أنه ليس بديلا لآخر أقل منه
ويرى أن هناك من هي أفضل من هالة بكثير تستحق
شكرا للمداخلة القيمة
أرجو أن لا تحرمي المدونة دايما من ردودك

نبضات يقول...

لا اقتنع بالحب او التمسك او الاهتمام من طرف واحد فهما كان الطرف الاخر شخصيه جذابه او حتى نكن له مشاعر كبيره فى قلوبنا طالما لم يعرف قيمتنا او احنا بالنسبه له شىء عادى لايمثل شىء يريد التمسك بيه اذن علينا نحن ايضا الا نتمسك بيه لاننا فى يوم من الايام سنقابل من يستحق حبنا واهتمامنا ومن سنفسح له المكان الذى يستحقه فى قلوبنا حتى ولو كان اقل تميزا ممن احببنا او اعجبنا بيه سيكون هو احق بنا اكثر

هاله شخصيه سطحيه ولا تعرف ان تحكم على الاشخاص ومشاعرها ليست غاليه عندها بدليل انها تركتها تكبر ناحيه انسان لايقدرها ولا يعرف قيمتها ومازالت . ليس بامكننا التحكم فى قلوبنا ولكن يمكننا التحكم فى تصرفتنا وتغيير تفكيرنا واهتمامنا بمن لم يقدرونا


شريف شخصيه وان كانت وصفت بصفات كتير كويسه الا انه يميل الى الغرور هو ممكن يكون كامل الاوصاف وتكون هاله حياتها فاضيه وبرده مش يلفت نظرها لان قلوب العباد بين اصابع الرحمن
كما انه لم يحبها فقط اعجب بيها وحتى لو حبها ولم تلتفت له وفكرت فى غيره حتى ولو كانت مخدعه فى هذه المشاعر
اعتقد لو انا مكانه ساعاملها كزميله عزيزه لانها فيها صفات اعجبت بها ولكن لن يكون لها فى يوم من الايام مكان فى حياتى لانى لست بالنسبه لها سوى انسان عادى ولكن المفروض يتعلم انه ليس معنى انه شخصيه مميزه انه ممكن اى بنت تعجب به وهذا درس له يتعلم منه

اسفه جدا على الاطاله

تحياتى